السبت، 8 أكتوبر 2016

قصص - شرقيون - الشيخ بن باز

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ بن باز - رحمه الله -



هو عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز، وآل باز أسرة عريقة في العلم والتجارة والزراعة معروفة بالفضل والأخلاق أصلهم من المدينة النبوية، ولد في الرياض عاصمة نجد يوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة سنة 1330هـ، وترعرع فيها وشب وكبر، ولم يخرج منها إلا ناويًا للحج والعمرة.

كان سماحة الشيخ عبد العزيز – رحمه الله – مبصرًا في أول حياته، وشاء الله لحكمة بالغة أن يضعف بصره في عام 1346هـ إثر مرض أصيب به في عينيه ثم ذهب جميع بصره في عام 1350هـ، وعمره قريب من العشرين عامًا؛ ولكن ذلك لم يثنه عن طلب العلم، أو يقلل من همته وعزيمته, بل استمر في طلب العلم ملازما لصفوة فاضلة من العلماء الربانيين والفقهاء الصالحين، فاستفاد منهم أشد الاستفادة، وأثروا فيه في بداية حياته العلمية، بالرأي السديد، والعلم النافع، والحرص على معالي الأمور، والنشأة الفاضلة، والأخلاق الكريمة، والتربية الحميدة، مما كان له أعظم الأثر، وأكبر النفع في استمراره.

ومما ينبغي أن يعلم أن سماحة الشيخ عبد العزيز – رحمه الله – قد استفاد من فقده لبصره فوائد عدة تذكر على سبيل المثال منها أربعة أمور:

الأمر الأول: حسن الثواب، وعظيم الأجر من الله سبحانه وتعالى، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه في حديث قدسي أن الله تعالى يقول: «إذا ابتليت عبدي بفقد حبيبتيه عوضتهما الجنة» (البخاري).

الأمر الثاني: قوة الذاكرة والذكاء المفرط: فالشيخ- رحمه الله – حافظ العصر في علم الحديث فإذا سألته عن حديث من الكتب الستة، أو غيرها كمسند الإمام أحمد والكتب الأخرى تجده في غالب أمره مستحضرًا للحديث سندًا ومتنًا، ومن تكلم فيه، ورجاله وشرحه.

الأمر الثالث: إغفال مباهج الحياة، وفتنة الدنيا وزينتها، فالشيخ – رحمه الله – كان متزهدًا فيها أشد الزهد، وتورع عنها، ووجه قلبه إلى الدار الآخرة، وإلى التواضع والتذلل لله سبحانه وتعالى.

الأمر الرابع: استفاد من مركب النقص بالعينين، إذ ألح على نفسه ورفعها بالجد والمثابرة حتى أصبح من العلماء الكبار، المشار إليهم بسعة العلم، وإدراك الفهم، وقوة الاستدلال وقد أبدله الله عن نور عينيه نورًا في القلب، وحبًا للعلم، وسلوكًا للسنة، وسيرًا على المحجة، وذكاءً في الفؤاد.

ومما زاد هيبته أنه ابتعد عن ساقط القول، ومرذول اللفظ، وما يخدش الحياء أشد الابتعاد.

ومع هذه المكانة العظيمة، والمنزلة السامية، والهيبة، فإنه آية في التواضع، وحسن المعاشرة، وعلو الهمة، وصدق العزيمة، مع عزة في النفس، وإباء في الطبع، بعيد كل البعد عن الصلف والتكلف المذموم كأنه وضع بين نصب عينيه قوله تعالى: }وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ{.

شيخ ضرير.. لم يقف العمى حائلاً بينه وبين طلب العلم.. ولم يكن هذا الابتلاء سببًا في سكون اليأس في نفسه!

بل إنه استسلم لقضاء ربه وآمن به فأسبغ عليه الرحمن من فضله ورزقه من قوة الحفظ والتعمق بالعلم, ما جعله يستحق ما وصل إليه من المكانة الرفيعة والمنزلة العالية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق